السبت، 8 نوفمبر 2014

نافذة أمل .. مغلقة !! - أديب محفوظ

نُشرت هذه المقالة في مجلّة " تواصل مدني " - تشرين الاول 2014

بين نظرة معظم الممسكين بزمام السلطة الى الانتخابات على انها تظاهرة فولكلورية تُثمر تجديداً لمبايعة من نُصّبوا حكاماً في الحرب والسلم على ما تبّقّى من شعب ودولة في لبنان ، ونظرة بعضٍ من المواطنين ومن الهيئات والمؤسسات المدنية الى هذه المحطة ولا سيّما بشقها النيابي ، على انها الوسيلة المناسبة لاجتياز الحاجز الاول في طريق اخراج مصطلح الدولة من كتاب الدستور ومن بين السطور الى الواقع المتجسد بالمؤسسات والقوانين الحديثة وقيم الديمقراطية كالعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ومشاركة الشعب فعلياّ في ادارة شؤونه عبر من يختارهم لهذه المهمة . ما يكمن بين هاتين النظرتين الى اهم حق منحته النظم الديمقراطية للمواطن في مجال المشاركة في السلطة ، ليس سوء تفاهم ولا خلافٌ عابر ، بل حكاية وطن ..

لم تكن يوماً نظرة الهيئات المدنية الحالمة بتغيير الواقع اللبناني (كتيار المجتمع المدني والحملة المدنية للاصلاح الانتخابي والحراك المدني للمحاسبة وغيرها ..) الى عملية الانتخاب على اساس اعتبارها  ترفا سياسيا او مجرد محطة مرحليّة لممارسة فعل اختيار المواطنين لممثليهم في الندوة البرلمانية التي لا تسمن ولا تغني من جوع . بل لطاما كانت الانتخابات العامة فرصة التغيير الحقيقية والوحيدة اذا ما توفرت شروط الانتخابات الصحيحة والديمقراطية والتي ينبثق عنها مجلس نيابي ممثل فعليا لشرائح المجتمع المتنوعة على اساس نسبية التمثيل  ، والتي لا تتحقق الا مع اعتماد قانون انتخابي عصري يتضمن المبادئ والاسس التي تضمن سلامة التمثيل وعدالته ، كاعتماد مبدأ النسبية وتشكيل الهيئة المستقلة المنظمة للانتخابات ، وتخفيض سنّ الاقتراع والترشيح واعتماد الكوتا النسائية وتحديد سقف الانفاق على الحملات الانتخابية وغيرها من الاصلاحات الضرورية .

وإذا كان الاصلاح الانتخابي هو المدخل المناسب لاصلاح النظام السياسي  ، فإن قانون الانتخاب هو الثغرة الوحيده التي يمكن النفاذ منها الى هذا النظام السياسي الطائفي المغلق الذي يقضي على اي محاولة للتغيير من خارجه ولأسباب طائفية على اساس العلاقة التبادلية والتفاعليه المصلحيه بين النظام السياسي ومكوّناته الطائفية ، ما يحول دون المراهنه على اي امل بتطويره الا من خلال تطوير قانون الانتخاب والنظام الانتخابي بهدف كسر الاحتكارات السياسية وتفعيل مبدأ محاسبة الناخبين للسلطة التي انتخبوها عبر ادخال قوى سياسية جديدة الى البرلمان والذي يساعد في تحقيقه اعتماد النظام النسبي مع دائرة انتخابيّة كبيرة بدلاً من نظام الانتخاب الاكثري .

أمّا مبدأ دوريّة الانتخابات فيكمن وجوب احترامه في كونه فرصة لتجديد الوكالة للنواب الذين انتخبناهم او الغاء تلك الوكلة وانتخاب غيرهم عملاً بحق الشعب في محاسبة السلطات المنتخبة ، وانطلاقاً من هذا المبدأ تقف الكثير من مؤسسات المجتمع المدني ، ولا سيّما تلك المذكورة اعلاه ، موقفاً مناهضاً ورافضاً للتمديد ، فهو يمدّد الوكالة من دون موافقة الموكّل ، أي الشعب ، ويقضي على أحد اهم مظاهر الحياة الديمقراطية في لبنان ويسقط مبدأ  المحاسبة والمساءلة ، ويُمدّد بالتالي للامر الواقع بكل مآسيه وأزماته . وهذا ما ينبغي العمل وتظافر الجهود في سبيل تفادي وقوعه .

الأحد، 24 نوفمبر 2013

في الأصل كانت المشكلة - أديب محفوظ


لعل المفوض السامي الفرنسي  الجنرال "غورو" شعر بالفخر العارم حين اعلن قيام " دولة لبنان الكبير " بحدودها التي لا تزال قائمةً حتّى ايامنا هذه، وذلك بموجب القرار 318 الصادر في 31 آب من العام 1920، بل لعله شعر بجنون العظمة باعتباره الرجل الذي سطّر بيده حدوداً ورسم علماً وأخرج الى دائرة الضوء دولةً. ولعل روحه الآن هائمة في متاهات التاريخ والجغرافيا، فتظن الزمن لم يتجاوز حقبة العشرينات من القرن العشرين، حيث الدولة لا زالت كما أعلنها، مجموعة اجزاء شكّلت جسماً مركّباً، هجيناً، فلم تحملها العقود التسع التي انصرمت بعد زمن الولادة إلى مصافي الدول، مجرّد الدول، حتّى لا نتجرّأ ونتحدّث عن الدول التي تحمل سمات هذا الزمن .

 فلبنان، الدولة التي شاخت في سن المراهقة، هو دولة هجينة حتّى في أكثر العناصر المكوّنة للدولة عموميّةً، حيث تكاد كل خاصةٍ من خصائصها تحمل حكايةً أشبه بالخرافات. من النظام السياسي الذي صنّفه الدستور "ديمقراطيّاً برلمانيّاً"، والذي في واقع الامر يصنّف نظاماً سياسيّاً هجيناً لا شبيه له بين الانظمة السائدة في الدول الحديثة، فالانتخابات تجري بين المتنافسين الكبار، والكل رابح، ولا معارضة للحكم الاّ لمن اسقطته حسابات الصفقة. إلى الطائفيّة الآخذة في التجذّر في عمق النسيج الاجتماعي، أمّا مرور الزمن الذي راهن عليه البعض كمساعد للانتقال والعبور الى الدولة المدنيّة غير الطائفيّة، بل والعلمانيّة، والتي تقوم على أساس المواطنة وسلطة القانون والمساواة والحريّة والعدالة الاجتماعيّة، مرور الزمن هذا مَرّ وغار في الماضي السحيق تاركاً خلفه "الدولة الحُلُم" تتخبّط بمزيدٍ من الطائفية والعصبية والتشرذم، وشعبها يشهد حالة من الانقسام والاصطفافات السياسية والطائفية، ولم تصل القوى السياسية الفاعلة فيها إلى الحد الادنى من الممارسة الديمقراطية الذي يتيح تداولاً للسلطة واعترافاً بالمعارضة كحق سياسي طبيعي، بل ان اعتماد الدائرة الموسعة على أساس النظام الاكثري أدى في لبنان في ظل ضعف الأحزاب السياسية إلى هيمنة الإقطاع السياسي على المجلس النيابي مقصياً القوى التغييريّة جانباً .

وإذا كان اعتماد مبدأ الهيئة الناخبة الواحدة في القوانين الانتخابية المتتابعة ساهم بفعالية في حفظ الرابط الذي يجمع بين المكوّنات الطائفيّة للشعب اللبناني، فإنّ التحوّل المستجد في هذا المجال والمتمثل بطرح قوانين انتخابية تعتمد الهيئة الناخبة المتعددة بديلاً من الواحدة من شانه أن يسقط الخيط الرفيع الذي يحول دون التشرذم الذي يمكن أن يؤدي إلى تقسيم جغرافي للدولة اللبنانية المكوّنة من مجموعة من الطوائف المتحدة في إطار فدرالية لا تقوم على أسس جغرافية بل على أساس الطوائف حيث تكرّست بنية مجتمعها الطائفي في بنية حقوقية جعلت لكل طائفة شخصية قانونية لها نوع من الاستقلال الذاتي بالنسبة إلى شؤونها الخاصة وأحوالها الشخصية ومؤسساتها الخيرية وأوقافها إضافة إلى حصتها المُطوّبة باسمها في مراكز السلطة والمؤسسات الدستورية والوظائف العامة .

مهما كان المجتمع متنوّعاً إتنيّاً أو طائفيّاً، فالتناحر بين مكوّناته ليس قدراً محتّماً، بل ان هذا التناحر هو نتيجةً للجهل والتعصّب وعدم صوابية الولاءات والانتماءات، بل والعنصريّة والانانية حيث الشأن العام والمصلحة العامة والقانون والحقوق والواجبات والتمتّع بحس المواطنة كلّها في اسفل القائمة، في حين ان الحل يبدأ منها جميعاً وبالتالي يفترض إعطاءها الأولويّة. إذن الحل هو "الدولة المدنيّة " الحديثة، وهذا يستدعي قلب القائمة رأساً على عقب.                  

الجمعة، 10 مايو 2013

خواطر

 ما همّ أن تستل روحك من حطام الذكريات

 وتعود منتشياً تبارك ما تيسّر من أمل ..
 
 ترضى لقلبك ما تبقّى من فُتات
 

 تغدو الاماني سحابةً ، تمضي ، تمرّ على عجل ..